فصل: الشَّرْطُ الأول: الْإِسْلَام:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة (نسخة منقحة)



.الباب السَّادِس فِي فَضَائِل الصَّلَاة:

قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ وَهِيَ سَبْعَ عَشْرَةَ: جَعْلُ الرِّدَاءِ عَلَى الْمَنْكِبِ وَالتَّيَامُنُ فِي السَّلَامِ وَقِرَاءَةُ الْمَأْمُومِ مَعَ الْإِمَامِ فِي السِّرِّ وَإِطَالَةُ الْقِرَاءَةِ فِي صَلَاة الصُّبْح وَالظّهْر وَفِي الْجلاب إِذا ابْتَدَأَ قَصِيرَةً قَطَعَهَا وَشَرَعَ فِي طَوِيلَةٍ وَفِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قَرَأَ الْبَقَرَة فِي صَلَاة الصُّبْح وَأَن عمر رَضِي الله عَنهُ قَرَأَ يُوسُف وَالْحج فِي رَكْعَتي الصُّبْح وَأَن القرافصة بْنَ عُمَيْرٍ قَالَ مَا أَخَذْتُ سُورَةَ يُوسُفَ إِلَّا مِنْ قِرَاءَةِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ إِيَّاهَا فِي الصُّبْحِ مِنْ كَثْرَةِ مَا كَانَ يُرَدِّدُهَا ذَكَرَ هَذَا مَالِكٌ لِيَدُلَّ أَنَّ الْعَمَلَ يَقْتَضِي ذَلِكَ مَعَ أَنَّ فِي مُسْلِمٍ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَام قَرَأَ {إِذا زلزلت} فِي رَكْعَتي الصُّبْح وَفِي رِوَايَة بالمعوذتين وَفِي الْجَوَاهِرِ يَقْرَأُ فِي الصُّبْحِ بِطِوَالِ الْمُفَصَّلِ وَمَا زَادَ عَلَيْهَا بِقَدْرِ مَا يَحْمِلُهُ التَّغْلِيسُ وَلَا يبلغ بهَا الْإِسْفَار وَالظّهْر دونهَا ويخفف فِي الْمغرب وَالْعصر تَلِيهَا وَالْعشَاء بَين المنزلتين وَقَالَ ش ح وَأَشْهَبُ يُسَوِّي الظُّهْرَ بِالصُّبْحِ وَالْمُدْرِكُ فِي ذَلِكَ الْعَمَلَ وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ الصُّبْحَ رَكْعَتَانِ فَقَط وتدرك النَّاس أَكْثَرهم نيام فيمد فِيهَا حَتَّى يُدْرِكهَا الْمَسْبُوق فَفِي الحَدِيث من شهد صَلَاة الصُّبْح فَكَأَنَّمَا قَامَ لَيْلَة بالتطويل يَحْصُلُ لِلْمَسْبُوقِ هَذِهِ الْفَضِيلَةُ وَالظُّهْرُ يُدْرِكُ النَّاسَ مُسْتَيْقِظِينَ وَعَدَدُهَا أَرْبَعٌ فَهَذَا يَقْتَضِي عَدَمُ الْإِطَالَةِ وَكَوْنُهُ فِي وَقْتِ فَرَاغٍ مِنَ الْأَعْمَالِ لِلتَّخَلِّي لِلْقَائِلَةِ وَالْأَغْذِيَةِ يَقْتَضِي التَّطْوِيلَ فَكَانَتْ دُونَ الصُّبْحِ وَأَمَّا الْعَصْرُ فَتَأْتِي فِي وَقْتِ شُغْلٍ وَالْمَغْرِبُ وَقْتُهَا ضَيِّقٌ بِخِلَافِ غَيْرِهَا قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَهُمَا يَسْتَوِيَانِ فِي الْقِرَاءَةِ عِنْدَ مَالِكٍ مَعَ أَنَّهُ قَدْ وَرَدَ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ يقْرَأ بِالطورِ فِي الْمَغْرِبِ ثُمَّ مَا صَلَّى بَعْدَهَا حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ وَفِي أَبِي دَاوُدَ بِالْأَعْرَافِ وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ مَا مِنَ الْقُرْآنِ شَيْءٌ إِلَّا وَقَدْ سَمِعْتُهُ عَلَيْهِ السَّلَام يؤم النَّاس بِهِ فَكَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يُخَالِفُ عَادَتَهُ لِيُعَلِّمَ النَّاسَ ذَلِكَ وَقَدْ أَنْكَرَ الْعُلَمَاءُ وَمَالِكٌ عَلَى مَنْ يَقْتَصِرُ على بَعْضِ الْقُرْآنِ وَلَوْ كَانَ أَفْضَلَ مِنْ غَيْرِهِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَنْزَلَ الْقُرْآنَ لِيُخَافَ مِنْ وَعِيدِهِ وَيُرْجَى وَعْدُهُ وَيُتَأَدَّبَ بِقَصَصِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُتْلَى جَمِيعُهُ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ كَرِهَ مَالِكٌ تكْرَار قِرَاءَة {قل هُوَ الله أحد} فِي رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ لِلَّذِي يَحْفَظُ الْقُرْآنَ لِئَلَّا يعْتَقد أَن أجر قرائتها ثَلَاثِ مَرَّاتٍ مِثْلَ أَجْرِ جُمْلَةِ الْقُرْآنِ مُتَأَوِّلًا لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنَّهَا تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ فَقَالَ إِذْ لَيْسَ ذَلِكَ مَعْنَى الْحَدِيثِ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ بَلْ لَهُ مَعَانٍ كَثِيرَةٍ عِنْدَهُمْ أَحْسَنُهَا أَنْ أَجْرَهَا مُضَاعَفٌ يَعْدِلُ أَجْرَ ثُلُثِ الْقُرْآنِ غَيْرَ مُضَاعَفٍ.
فَائِدَةٌ:
قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ الْمُفَصَّلُ كُلُّهُ مَكَّيٌّ وَأَوَّلُهُ قِيلَ الْحُجُرَاتُ وَقِيلَ ق وَهُوَ الصَّحِيح لِأَن الحجرات مَدَنِيَّة وَقيل الرحمان قَالَ وَكَرِهَ مَالِكٌ إِظْهَارَ الْهَمْزَةِ فِي قِرَاءَةِ الصَّلَاةِ وَاسْتَحَبَّ التَّسْهِيلَ عَلَى رِوَايَةِ وَرْشٍ لِأَنَّهُ لُغَتُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ وَكَذَلِكَ التَّرْقِيقُ وَالتَّفْخِيمُ وَالروم والإشمام وَغير ذَلِك من مَعَانِي الْقِرَاءَةِ قَالَ وَتَقْصِيرُ الْجِلْسَةِ الْأُولَى وَالتَّأْمِينُ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ لِلْفَذِّ وَالْإِمَامِ فِيمَا يُسِرُّ فِيهِ وَقَوْلُ الْفَذّ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ وَصِفَةُ الْجُلُوسِ وَالْإِشَارَةُ فِيهِ بِالْأُصْبُعِ وَقِيَامُ الْإِمَامِ مِنْ مَوْضِعِهِ سَاعَةَ يُسَلِّمُ وَالسُّتْرَةُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُهُ على مَوضِع الْأَمْن من الْمُرُور بِوُجُوبِهَا فِي غَيْرِهِ قَالَ وَاعْتِدَالُ الصُّفُوفِ وَتَرْكُ الْبَسْمَلَةِ وَوَضْعُ الْيَدَيْنِ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى حَالَةَ الْقِيَامِ وَقد كرهه فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ كَرَاهَةَ أَنْ يُعَدَّ مِنَ الْوَاجِبَاتِ وَقَالَ فِي الْكِتَابِ أَكْرَهُهُ فِي الْفَرِيضَةِ بِخِلَافِ طُولِ الْقِيَامِ فِي النَّوَافِلِ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ وَأَبُو الْوَلِيدِ رِوَايَةُ ابْنُ الْقَاسِمِ مَحْمُولَةٌ عَلَى الِاعْتِمَادِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ فِيهِ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ الْكَرَاهَةُ فِي الْفَرْضِ رِوَايَةُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالْإِبَاحَةُ فِي الْفَرْضِ وَالنَّفْلِ رِوَايَةُ أَشْهَبَ وَالِاسْتِحْبَابُ فِيهِمَا رِوَايَةُ مطرف وَهُوَ مَذْهَب ش ح وَابْن حَنْبَل وَهُوَ فِي الصِّحَاح عَنهُ عَلَيْهِ السَّلَام وَفِي الْمُوَطَّأِ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ من كَلَام النُّبُوَّة إِذا لم تَسْتَحي فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ وَوَضْعُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى فِي الصَّلَاةِ قَالَ وَاخْتَلَفَ الْقَائِلُونَ بِهِ فَقَالَ الْبَاجِيُّ يَقْبِضُ يُمْنَاهُ عَلَى الْمِعْصَمِ وَالْكُوعِ مِنَ الْيُسْرَى وَلَا يَعْتَمِدُ عَلَيْهَا وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ يَقْبِضُ عَلَى أَصَابِعِ الْيُسْرَى وَقَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ لَا يَقْبِضُ عَلَى شَيْءٍ بَلْ يَضَعُ كَفَّهُ الْيُسْرَى مبسوطة وكفه الْيُمْنَى عَلَيْهَا وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَقْبِضُ بِكَفِّهِ الْيُمْنَى كَفَّهُ الْيُسْرَى وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَضَعُ كَفَّهُ عَلَى كَفِّهِ وَيَقْبِضُ بِالْخِنْصَرِ وَالْبِنْصَرِ وَالْإِبْهَامِ عَلَى رُسْغِهِ وَيَمُدُّ الْوُسْطَى وَالسَّبَّابَةَ عَلَى ذِرَاعِهِ الْيُسْرَى وَاخْتُلِفَ فِي مَوْضِعِهِمَا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ غَيْرُ مَحْدُودٍ وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ تَحْتَ الصَّدْرِ وَفَوْقَ السُّرَّةِ وَهُوَ ظَاهِرُ حَدِيثِ الْمُوَطَّأِ وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ يَضَعُهُمَا تَحْتَ السُّرَّةِ وَهُوَ فِي أَبِي دَاوُدَ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَرُوِيَ عَنْ ش فَوْقَ النَّحْرِ لِمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي تَفْسِيرِ قَوْله تَعَالَى {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وانحر} أَنَّهُ ذَلِكَ قَالَ وَالصَّلَاةُ عَلَى الْأَرْضِ أَوْ مَا تُنْبِتُهُ وَالصَّلَاةُ فِي جَمَاعَةٍ لِلرَّجُلِ فِي نَفْسِهِ وَهِيَ سُنَّةٌ فِي الْمَسَاجِدِ وَفَرِيضَةٌ فِي الْجُمْلَة وَأَمَّا النِّسَاءُ فَقَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ أَمَّا الْمُتَجَالَّاتِ فَلَا خِلَافَ فِي خُرُوجِهِنَّ لِلْمَسَاجِدِ وَالْأَعْيَادِ وَغَيْرِهَا وَأَمَّا الشَّابَّةُ فَلَا تَخْرُجُ إِلَّا فِي النُّدْرَةِ وَفِي جَنَائِزِ أَهْلِهَا وَعَلَى الْإِمَامِ مَنْعُهُنَّ وَفِي الْحَدِيثِ عَنهُ عَلَيْهِ السَّلَام «مَا تركت بعدِي قتنة أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ» وَقَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا لَوْ أَدْرَكَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَا أحدثه النِّسَاءُ لَمَنَعَهُنَّ الْمَسَاجِدَ كَمَا مُنِعَ نِسَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَالَ وَالنِّسَاءُ أَرْبَعٌ فَانِيَةٌ فَهِيَ كَالرَّجُلِ وَمُتَجَالَّةٌ فَلَا تُكْثِرُ التَّرَدُّدُ وَشَابَّةٌ تَخْرُجُ عَلَى النُّدْرَةِ وَفَائِقَةٌ لَا خِمَارَ لَهَا لَا تَخْرُجُ أَلْبَتَّةَ وَالْقُنُوتُ وَأَصْلُهُ فِي اللُّغَةِ الطَّاعَةُ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {والقانتين والقانتات} وَيُطْلَقُ عَلَى طُولِ الْقِيَامِ فِي الصَّلَاةِ وَفِي الْحَدِيثِ «أَفْضَلُ الصَّلَاةِ طُولُ الْقُنُوتِ» وَعَلَى الصَّمْتِ وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {وَقومُوا لله قَانِتِينَ} وَعَلَى الدُّعَاءِ وَمِنَهُ قُنُوتُ الصُّبْحِ وَهُوَ عِنْدُنَا وَعند ش ح مَشْرُوعٌ خِلَافًا لِابْنِ حَنْبَلٍ وَفِي الصُّبْحِ عندنَا وَعند ش خلافًا ح فِي تَخْصِيصِهِ إِيَّاهُ بِالْوِتْرِ وَفِي الْجُلَّابِ لِمَالِكٍ فِي الْقُنُوتِ فِي النِّصْفِ الْأَخِيرِ مِنْ رَمَضَانَ رِوَايَتَانِ لَنَا مَا سَنَذْكُرُهُ مِنَ الْأَحَادِيثِ أجَاب ابْن حَنْبَل فحملها عَلَى نَوَازِلَ كَانَتْ تَنْزِلُ بِالْمُسْلِمِينَ وَالْحُكْمُ يَنْتَفِي لِانْتِفَاءِ سَبَبِهِ جَوَابُهُ مَنْعُ التَّعْلِيلِ بِخُصُوصِ تِلْكَ الْوَقَائِعِ بَلْ لِمُطْلَقِ الْحَاجَةِ لِدَرْءِ الشُّرُورِ وَجَلْبِ الْخُيُورِ وَهُوَ أَوْلَى لِعُمُومِهِ فَيَجِبُ الْمَصِيرُ إِلَيْهِ وَهَذِهِ الْعِلَّةُ بَاقِيَةٌ فَيَدُومُ الْحُكْمُ قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا قَنَتَ قَبْلَ الرُّكُوعِ لَا يُكَبِّرُ خِلَافًا لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ وَقَبْلَ الرُّكُوعُ وَبَعْدَهُ وَاسِعٌ وَالَّذِي آخذ بِهِ فِي نَفسِي قبل خلافًا ش وَكَانَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقْنُتُ قَبْلُ وَعُمَرُ وَأَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقْنُتَانِ بَعْدُ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ سُئِلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَهْوَ قَبْلُ أَمْ بَعْدُ فَقَالَ مَحِلُّ الْقُنُوتِ قَبْلُ زَادَ الْبُخَارِيُّ قِيلَ لِأَنَسٍ إِنَّ فَلَانَا يُحَدِّثُ عَنْكَ أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَنَتَ بَعْدَ الرُّكُوعِ قَالَ كَذَبَ فُلَانٌ وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّهُ قَنَتَ بَعْدَ الرُّكُوعِ شَهْرًا وَوَافَقَ ش فِي الْوِتْرِ أَنَّ قُنُوتَهُ قَبْلُ وَلِأَنَّهُ قَبْلُ يَحْصُلُ لِلْمَسْبُوقِ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ وَقَالَ فِي الْكِتَابِ لَا تَوْقِيتَ فِيهِ وَلَا يَجْهَرُ أَمَّا عَدَمُ التَّحْدِيدِ فَلِأَنَّهُ وَرَدَ بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ وَأَمَّا عَدَمُ الْجَهْر فقياسا على سَائِر الْأَدْعِيَة وروى ابْنِ وَهْبٍ أَنَّ جِبْرِيلَ عَلَّمَ النَّبِيَّ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَعِينُكَ وَنَسْتَغْفِرُكَ وَنُؤْمِنُ بِكَ وَنَخْنَعُ لَكَ وَنَخْلَعُ وَنَتْرُكُ مَنْ يَكْفُرُكَ اللَّهُمَّ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَلَكَ نُصَلِّي وَنَسْجُدُ وَإِلَيْكَ نَسْعَى وَنَحْفِدُ نَرْجُو رَحْمَتَكَ وَنَخَافُ عَذَابَكَ الْجِدَّ إِنَّ عذابك بالكافرين مُلْحِقٌ وَإِنَّ هَذَا بَعْدَ مَا كَانَ يَدْعُو عَلَى مُضَرَ إِذْ جَاءَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَأَوْمأ إِلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنِ اسْكُتْ فَسَكَتَ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَبْعَثْكَ سَبَّابًا وَلَا لَعَّانًا إِنَّمَا بَعْثَكَ رَحْمَةً وَلم يَبْعَثْكَ عَذَابًا {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ} ثُمَّ عَلَّمَهُ الْقُنُوتَ وَفِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَّمَ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ فِي الْقُنُوتِ اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْتَ وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ إِنَّكَ تَقْضِي وَلَا يُقْضَى عَلَيْكَ وَأَنَّهُ لَا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ وَلَا يَعِزُّ مَنْ عَادَيْتَ تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ وَيُرْوَى أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ يَقْنُتُ فِي الْوِتْرِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ.
فَوَائِدُ:
نَخْنَعُ مَعْنَاهُ نَتَوَاضَعُ وَمِنَهُ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنَّ أَخْنَعَ الْأَسْمَاءِ عِنْدَ الله رجل يُسمى بشاه وَنَخْلَعُ مَعْنَاهُ مِنْ ذُنُوبِنَا وَنَحْفِدُ مَعْنَاهُ نُعَاضِدُ عَلَى طَاعَتِكَ وَمِنَهُ حَفَدَةُ الْأَمِيرِ أَيْ أَعْوَانُهُ وَأَبْنَاءُ الْأَبْنَاءِ يُسَمَّوْنَ حَفَدَةً لِذَلِكَ وَقَوْلُهُ قِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ مَعَ أَنَّ الْقَضَاءَ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَقَعَ غَيْرُهُ مَعْنَاهُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُقَدِّرُ الْمَكْرُوهَ بِشَرْطِ عَدَمِ دُعَاءِ الْعَبْدِ المستجاب فَإِذا اسْتَجَابَ دعاءه لم يَقع المفضي لفَوَات شَرطه وَلَيْسَ هُوَ رد لِلْقَضَاءِ الْمُبْرَمِ وَمِنْ هَذَا الْبَابِ صِلَةُ الرَّحِمِ تَزِيدُ فِي الْعُمْرِ وَالرِّزْقِ وَقَوْلُهُ أعوذ برضاك يَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَعَاذُ بِهِ قَدِيمًا لِامْتِنَاعِ الاستجارة بالحوادث ورضى اللَّهِ تَعَالَى إِمَّا إِرَادَةُ الْإِحْسَانِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الرَّحْمَةِ عَلَى رَأْيِ الْأَشْعَرِيِّ أَوِ الْإِحْسَانُ نَفْسُهُ عَلَى رَأْيِ الْقَاضِي وَالْأَوَّلُ مُتَعَيَّنٌ لقدمه وَكَذَلِكَ قَوْله بمعافاتك من عُقُوبَتك وَقَوْلُهُ أَعُوذُ بِكَ مِنْكَ كَيْفَ تَصِحُّ الِاسْتِعَاذَةُ مِنَ الْقَدِيمِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إِلَّا مِنْ حَادِثٍ وَجَوَابُهُ أَنَّ قَوْلَهُ مِنَكَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ تَقْدِيرُهُ مِنْ مَكْرُوهَاتِكَ لِيَعُمَّ مَا ذَكَرَهُ أَوَّلًا وَمَا لَمْ يَعْلَمْهُ وَقَوْلُهُ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ مُشْكِلٌ مِنْ جِهَةِ الْعَرَبِيَّةِ وَالْمَعْنَى مِنْ جِهَةِ تَشْبِيهِ الذَّاتِ بِالثَّنَاءِ وَجَوَابُهُ أَنَّ ثُمَّ مُضَافًا مَحْذُوفًا فِي الْأَوَّلِ تَقْدِيره ثناؤك اللَّائِق ثَنَاؤُكَ عَلَى نَفْسِكَ.
فَرْعٌ:
قَدْ أَلْحَقَ فِي الْكِتَابِ الدُّعَاءَ بِالْقُنُوتِ وَكَرِهَهُ فِي الرُّكُوعِ بِخِلَافِ السُّجُودِ وَالْقِيَامِ وَالْجُلُوسِ بِحَوَائِجَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَجَازَ الذِّكْرَ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ أجَاز مَالك وش الدُّعَاءَ بِجَمِيعِ الْحَوَائِجِ وَقَالَ ح لَا يُدْعَى إِلَّا بِمَا فِي الْقُرْآنِ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ مِمَّا لَا يسئل بِهِ النَّاسُ فَإِنْ قَالَ أَطْعِمْنِي أَوْ زَوِّجْنِي فَسَدَتْ صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ مِنْ جِنْسِ الْكَلَامِ كَرَدِّ السَّلَامِ وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ وَالشِّعْرِ الْمِنَظُومِ دُعَاءً أَوْ ثَنَاءً فَإِنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ يُفْسِدُ الصَّلَاةَ لَنَا مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَّمَهُمُ التَّشَهُّدَ إِلَى قَوْله أشهد أَلا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ قَالَ ثُمَّ لِيَخْتَرْ مِنَ الْمَسَائِلِ مَا شَاءَ وَهَذَا عَامٌّ وَالْجَوَابُ عَمَّا ذَكَرُوهُ أَنَّ تِلْكَ الْأُمُورَ يُعَدُّ الْإِنْسَانُ بِهَا فِي الْعُرْفِ غَيْرَ مُصَلٍّ لِمُبَايَنَتِهَا لِنِظَامِ الصَّلَاةِ بِخِلَافِ الدُّعَاءِ وَلِأَنَّهُ مِنْ فِعْلِ السَّلَفِ قَالَ عُرْوَةُ إِنِّي لَأَدْعُو اللَّهَ فِي حَوَائِجِي كُلِّهَا حَتَّى فِي الْمِلْحِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ قَالَ مَالِكٌ إِلَّا أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ التَّأَدُّبُ فَلَا يَقُلْ اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي وَهُوَ كَثِيرُ الدَّرَاهِمِ وَلْيَدْعُ بِدُعَاءِ الصَّالِحِينَ وَبِمَا فِي الْقُرْآن قيل لَهُ فيدعو قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَلَا يَدْعُو فِي الْقِيَامِ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ وَلَا فِي أَثْنَاءِ الْفَاتِحَةِ فِي الْمَكْتُوبَةِ بِخِلَافِ النَّافِلَةِ فَإِنَّهَا مُشْتَمِلَةٌ عَلَى الدُّعَاءِ فَهِيَ أَوْلَى وَيَدْعُو بَعْدَ فَرَاغِهَا إِنْ أَحَبَّ وَقَدْ دَعَا الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بَعْدَهَا بقوله {رَبنَا لَا تزغ قُلُوبنَا} الْآيَةَ وَيَدْعُو بَعْدَ الرَّفْعِ مِنَ الرُّكُوعِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ إِنْ أَحَبَّ وَأَوْجَبَ ابْنُ حَنْبَلٍ الدُّعَاءَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ بِقَوْلِهِ رَبِّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي وَيَدْعُو بَعْدَ التَّشَهُّدِ وَيُكْرَهُ قَبْلَهُ وَأَمَّا غَيْرُ الدُّعَاءِ مِنَ الثَّنَاءِ وَالذِّكْرِ الْحَسَنِ فَالْقُرْآنُ أَوْلَى مِنَهُ تِلَاوَةً وَسَمَاعًا وَقَدْ كَرِهَ مَالِكٌ لِلْمَأْمُومِ سُبْحَانَ اللَّهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا فَإِنْ فَعَلَ فَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ وَأَجَازَ فِي الْكِتَابِ الدُّعَاءَ عَلَى الظَّالِمِ لِمَا فِي مُسْلِمٍ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ حِينَ رَفَعَ مِنَ الرُّكُوعِ غِفَارٌ غَفَرَ اللَّهُ لَهَا وَأَسْلَمُ سَالَمَهَا اللَّهُ وَعَصِيَّةُ عَصَتِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ اللَّهُمَّ الْعَنْ بَنِي لَحْيَانَ وَالْعَنْ رَعْلًا وَذَكْوَانَ ثُمَّ سَجَدَ وَفِي النَّوَادِرِ إِنْ قَالَ يَا فُلَانُ اللَّهُمَّ افْعَلْ بِهِ كَذَا قَالَ ابْنُ شَعْبَانَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ بَلْ يَقُولُ افْعَلْ بِفُلَانٍ وَقَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ وَمَا عَلِمْتُ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِنَا قَالَهُ غَيْرُهُ وَقَدْ بَقِيَ مِنَ الْمِنَدُوبَاتِ آدَابُ الْقُلُوبِ فَمِنْهَا الْخُشُوعُ وَهُوَ اتِّصَافُ الْقَلْبِ بِالذِّلَّةِ وَالِاسْتِكَانَةِ وَالرَّهَبِ بَيْنَ يَدَيِ الرَّبِّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَقد أَفْلح الْمُؤْمِنُونَ الَّذين هم فِي صلَاتهم خاشعون} وَالْخُشُوعُ أَفْضَلُ أَوْصَافِ الصَّلَاةِ وَلِذَلِكَ أَمَرَنَا بِالْمَشْيِ إِلَيْهَا بِالسَّكِينَةِ وَالْوَقَارِ مَعَ تَفْوِيتِ الِاقْتِدَاءِ وَالْمُبَادَرَةِ إِلَى الطَّاعَة وَحُضُور الْأَشْغَالِ الْمَانِعَةِ مِنَهُ وَمَا تُؤَخَّرُ جُمْلَةُ الصَّلَاةِ لَهُ إِلَّا وَهُوَ مِنْ أَفْضَلِ صِفَاتِهَا وَمِنْهَا الْفِكْرَةُ فِي مَعَانِي الْأَذْكَارِ وَالْقِرَاءَةِ فَإِنْ كَانَتْ دَالَّةً عَلَى تَوَكُّلٍ تَوَكَّلَ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى الْحيَاء اسْتَحْيَا مِنَهُ أَوْ عَلَى التَّعْظِيمِ عَظَّمَهُ أَوِ الْمَحَبَّةِ أَحَبَّهُ أَوِ الْإِجَابَةِ أَجَابَهُ أَوْ زَجْرٍ عَزَمَ عَلَى تَرْكِ الْمُخَالَفَةِ وَلَا يَشْتَغِلُ عَنِ الْفِكْرَةِ فِي آيَةٍ بِالْفِكْرِ فِي آيَةٍ أُخْرَى وَإِنْ كَانَتْ أَفْضَلَ لِمَا فِيهِ مِنْ سُوءِ أَدَبِ الْمُنَاجَاةِ وَالْإِعْرَاضِ عَنِ الرَّبِّ بِالْقَلْبِ الَّذِي هُوَ أَفْضَلُ أَجْزَاءِ الْإِنْسَانِ وَلِذَلِكَ هُوَ أَقْبَحُ مِنَ الْإِعْرَاضِ عَنْهُ بِالْجَسَدِ وَلِذَلِكَ قَالَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ إِنَّ الشَّيْطَانَ لَيَشْغَلُنِي عَنِ الْقِرَاءَةِ بِذِكْرِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ فَجَعَلَهُ مِنَ الشَّيْطَانِ وَإِنْ كَانَ قُرْبَةً عَظِيمَةً فَهَذِهِ هِيَ الصَّلَاةُ النَّاهِيَةُ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَتَكُونُ اللَّامُ فِيهَا لِلْكَمَالِ كَمَا هِيَ فِي صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا قَالَ سِيبَوَيْهِ وَهِيَ مُنَاسِبَةٌ لِذَلِكَ فَإِنَّ الْقَلْبَ إِذَا اتَّصَفَ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ فِي الصَّلَاةِ كَانَ إِذا تخَلّل مِنْهَا قَرِيبُ الْعَهْدِ بِذِكْرِ الزَّوَاجِرِ عَنِ الْقَبَائِحِ فَلَا يُلَابِسُهَا وَالْمَرْغُوبَاتِ فِي الْمَدَائِحِ فَلَا يُفَارِقُهَا.
فَرْعٌ:
قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَقَدْ وَرَدَ التَّرْغِيبُ فِي الذِّكْرِ بَعْدَ السَّلَامِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِذَا فرغت فانصب وَإِلَى رَبك فارغب} قِيلَ انْصَبْ فِي الدُّعَاءِ وَارْغَبْ إِلَيْهِ فِي الْحَاجَاتِ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَنْ سَبَّحَ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَحَمِدَ اللَّهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَكَبَّرَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ فَذَلِكَ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ وَقَالَ تَمَامَ الْمِائَةِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٍ حُطَّتْ خَطَايَاهُ وَلَوْ كَانَتْ مِثْلَ زبد الْبَحْر.

.الباب السَّابِعُ فِي الْإِمَامَةِ

وَالْإِمَامَةُ فِي اللُّغَةِ الِاقْتِدَاءُ وَالْإِمَامُ الْمُقْتَدَى بِهِ وَالْإِمَامُ خَشَبَةُ الْبِنَاءِ الَّتِي يَتْبَعُهَا فِي اسْتِقَامَةِ أَعْمَالِهِ وَقِيلَ أَصْلُ إِمَامٍ الِاقْتِدَاءُ مِنْهَا تَشْبِيهًا بِهَا وَالْمَأْمُومُ الْمُقْتَدِي وَالْمَأْمُومُ مَنْ شُجَّ فِي رَأْسِهِ فَوُصِلَتْ إِلَى أُمِّ دِمَاغِهِ وَفِي الْبَابِ تِسْعَةُ فُصُولٍ:

.الْفَصْلُ الْأَوَّلُ: فِي شُرُوطِ الْإِمَامَةِ:

وَهِيَ سَبْعَةٌ:

.الشَّرْطُ الأول: الْإِسْلَام:

لقَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: «أيمتكم شفعاؤكم فَاخْتَارُوا بِمن تستشفعون» وَهَذَا يدل ثَلَاثَة أوجه:
الأول وَصفه بِالشَّفَاعَةِ وَالشَّفِيعُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَقْبُولًا عِنْدَ الْمَشْفُوعِ عِنْدَهُ وَالْكَافِرُ لَيْسَ كَذَلِكَ.
الثَّانِي: حصره الأيمة فِي الشُّفَعَاءِ لِوُجُوبِ حَصْرِ الْمُبْتَدَأِ فِي الْخَبَرِ فَمَنْ لَيْسَ بِشَفِيعٍ لَا يَكُونُ إِمَامًا.
الثَّالِثُ: أَنَّهُ أَوْجَبَ اخْتِيَارَهُ وَالْكَافِرُ لَيْسَ بِمُخْتَارٍ.
فَرْعٌ:
فَلَوْ صَلَّى بِالْمُسْلِمِينَ وَلَمْ يَعْلَمُوا بِهِ قَالَ مَالِكٌ فِي الْعُتْبِيَّةِ يُعِيدُونَ أَبَدًا خِلَافًا لِبَعْضِ الشفعوية قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَلَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ عِنْدَ مَالك وش وَقَالَ ح إِنْ كَانَ فِي مَسْجِدٍ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ وَإِلَّا فَلَا وَقَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ إِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ كَالْمُرْتَدِّ وَقَالَ سَحْنُونٌ إِنْ عَمِلَهُ خَوْفًا عَلَى نَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِلَّا عُرِضَ عَلَيْهِ الْإِسْلَامُ فَإِنْ أَسْلَمَ فَلَا إِعَادَةَ عَلَى الْمَأْمُومِينَ وَإِلَّا قُتِلَ وَأَعَادُوا قَالَ صَاحب الطّراز وَيلْزم إِذا حكمنَا بِإِسْلَامِهِ بِمُجَرَّد الصَّلَاة أَن لَا يُعِيدَ الْقَوْمُ لِأَنَّهَا وَقَعَتْ خَلْفَ مُسْلِمٍ لَكِنَّ إِسْلَامَهُ غَيْرُ مُحَقَّقٍ وَجْهُ إِسْلَامِهِ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَنْ صَلَّى صَلَاتَنَا وَاسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا وَأَكَلَ ذَبِيحَتَنَا فَلَهُ مَا لَنَا وَعَلَيْهِ مَا عَلَيْنَا وَلِأَنَّ الشَّعَائِرَ دَلِيلُ الْإِيمَانِ الْبَاطِنِ كَالشَّهَادَتَيْنِ وَجْهُ عَدَمِ إِسْلَامِهِ أَنَّ إِمَامَتَهُ إِنَّمَا تَدُلُّ عَلَى اعْتِقَادِهِ حُسْنَ فِعْلِ هَذِهِ الصَّلَاةِ فِي جَمَاعَةٍ وَهُوَ لَوْ صَرَّحَ بِذَلِكَ قَبْلَ وُجُوبِهِ لَمْ يَكُنْ مُسْلِمًا.